المجال الحيوي الالماني والياباني بين الحربين: جذوره التاريخية والبعد الاقتصادي في تطبيقاته مقاربة تاريخية

الملخص

مقدمة

يقترن الحديث عن نظرية المجال الحيوي  Living Space Theoryبنشأة وتطور علم الجيوبوليتيك بمحدداته ومنهجيته الحديثة، إذ ان المجال الحيوي مثل احد المقولات الاساسية التي اهتم بها عدد من الجغرافيين ضمن اطار التنظير لهذا العلم الذي اهتم بالسياسات الارضية للدولة منذ اواخر القرن التاسع عشر. ودون فهم وادراك دقيق لمقولات الجيوبوليتك التي حددت الرؤى والتوجهات الإستراتيجية الكبرى للدول، يبقى فهم المختصين منقوصا في فهم واستيعاب الدوافع التي وجهت المواقف والتحولات الكبرى في الحرب العالمية الثانية، خاصة بالنسبة لدول مثل ألمانيا واليابان بين الحربين، إذ تحولت مثل تلك المقولات، التي تصدرها المجال الحيوي، إلى ايقونات مقدسة يتحدد تبعاً لها الموقف من الحرب والسلام. لذلك ياتي هذا البحث محاولة منسجمة، في اطارها العام، مع الدعوات المطالبة بإعادة النظر بتاريخ الحرب العالمية الثانية وربما تسهم جزئيا في تقديم انموذج تفسيري لاحد اسباب تلك الحرب. 

اضافة لكل المسوغات الفكرية التي شكلت بمجموعها دوافعا وراء البحث عن مجال حيوي، نعتقد ان المتطلبات الاقتصادية لكل من المانيا واليابان بين الحربين كانت المحرك الاكثر فاعلية في توجيه بوصلة التمدد والتوسع الجغرافي، وفقا للنظريات والمعالجات الاقتصادية السائدة آنذاك، والتي قضت بزيادة رقعة الدولة عن طريق ضم اراضي جديدة ذات قيمة سياسية بغية ضمان حاجاتها الاقتصادية اولا ومن ثم تعزيز موقعها الاستراتيجي وهيبتها على المستوى الدولي وسهولة الدفاع عنها، وجميع تلك العناصر جسدتها نظرية المجال الحيوي التي كانت ابرز نظريات السياسة الارضية التي اختزلها علم الجيوبوليتيك بلحاظ الاطار الزمني للبحث.