الإنسان والآلهة عالم مفتوح واتصال متبادل
الملخص
في بلاد الرافدين لا يستطيع الانسان الانفصال عن الالوهية، فهو دائم الاتصال بها، لكن ذلك الاتصال يحتاج الى وسائل وقنوات للعبور، ولعل بداية تلك الوسائل هي الصلاة التي تهدف قبل كل شيء الى تمجيد المقدس ومن ثم التضرع له، كي يستطيع الإنسان ان يفصح عما بداخله للآلهة، ويطلب منها ان تحقق رغباته؛ واذا كانت الصلاة تمثل الجانب المعنوي من ذلك الاتصال، فإن القربان يمثل الجانب المادي الذي يستطيع الانسان من خلال ان يُغري الآلهة ويدفعها ان تلبي ما يطمح له؛ فالقربان هو الوسيلة المادية المفروضة على البشر الذين خلقوا من اجل خدمة الآلهة؛ اما البخور فتمثل الركيزة الثالثة والمهمة للاتصال بين البشر والمقدس فهي تساعد المتعبد للوصول الى حالة الانسجام مع القوى العليا، وتحدث نشاطا روحياً قوياً اثناء العبادة.
اذا كانت الوسائل الثلاث الاولى المقدمة من البشر للآلهة، فإن هناك وسيلتان لا تقلان عنها اهمية تجعلان الانسان على اتصال دائم مع عالم الألوهية، الاولى: هي وجود إلهه الشخصي الذي يمثل الرابطة الموجودة دوماً بينه وبين الآلهة العظام؛ والثانية، هي كونه ابن الآلهة.
ان وجود الآلهة على الأرض احدى وسائل الاتصال الضرورية، لكن ذلك الوجود لن يتم إلا عن طريق الوعاء الذي يحتوي جسد الإله الا وهو تمثاله، لذا حرص الملوك في بلاد الرافدين على صناعة تمثال الإله، كي يضمنوا وجود الآلهة على ارضهم، وبتلك الطريقة يضمنوا ضمان الاتصال الدائم مع عالم الالوهية.
تمثل الاحلام والعرافة والوسيلة الاخيرة للاتصال بين عالم البشر والآلهة فعن طريقهما يتحدث الطرفان، وعن طريقهما يعرف البشر ارادة الآلهة، ورغباتها.