مدى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد (دراسة أصولية)
الملخص
اجتماع الأمر والنهي.
المبحث الأول
النزاع في اجتماع الأمر والنهي
الهدف الأول والأخير من دراسة دلالات الأمر والنهي عند الأصوليين هو الوصول إلى المعرفة . نرى أن كل علماء الأصول درسوا الأمر والنهي ودلالاته وأغلبهم كتب في اجتماع الأمر والنهي لهذا ارتأيت أن اكتب في اجتماع الأمر والنهي, وفيما يأتي آراء بعض علماء الإمامية:
أولا : الشيخ المفيد (رحمه الله)(ت413ه) حيث قال :
(استحالة اجتماع الفعل وتركه يقتضي صحة النهي العقلي عن ضد ما أمر به) (1)وليس النهي بالنكرة كالأمر بها، لأن الأمر ها هنا يقتضي التخصيص والنهي يقتضي العموم. (2 )
ثانيا: فنرى إن السيد المرتضى(رحمه الله)(ت436ه) يقول :
(اعلم إن الأمر والنهي لا يخلوا من أن يكون متناولها واحدا، أو متغايرا :
فإن كان واحدا ، فلن يحسنا إلاّ على وجه واحد وهو أن يأمر بالفعل على وجه وينهي عنه على وجه آخر ، وربما كانت وجوهه كثيرة يصح أن ينهي عن ايقاعه على بعضها ، أو يأمر بذلك فأما إذا تغاير المتناول ، فهو على قسمين:
أحدهما : أن يكون المكلف أيضا متغايرا ، فيحسن الأمر بأحدهما ، والنهي عن الآخر على كل وجهة إذا قبح أحدهما ، وحسن الآخر .
والقسم الثاني : أن يكون المكلف واحدا ، وينقسم إلى قسمين :
أحدهما : أن لا يتميز له أحد الفعلين من الآخر، بأن تكون الصورة واحدة، والوجه واحد ، فلا يجوز أن يأمره – تعالى- بأحدهما ، وينهاه عن الآخر مع فقد التمييز ، فأما إذا تميز له أحدهما من الآخر ، حسن الأمر والنهي بحسب الحسن والقبح).(3)
ثالثا: أمّا الشيخ حسن زين الدين العاملي(ت1011ه).
فيرى أنه : (الحق امتناع توجه الأمر النهي إلى شيء واحد . ولا نعلم في ذلك مخالفا من أصحابنا . ووافقنا عليه كثير ممن خالفنا . وأجازه قوم . وينبغي تحرير محل النزاع أولا فنقول :
الوحدة تكون بالجنس وبالشخص . فالأول يجوز ذلك فيه ، بأن يؤمر بفرد وينهى عن فرد، كالسجود لله تعالى وللشمس والقمر ، وربما منعه مانع ، لكنه شديد الضعف ، شاذ .
الثاني: أما ان يتحد فيه الجهة ، او تتعدد فان اتحدت، بان يكون الشيء الواحد من الجهة الواحدة مأمورا به منهيا عنه ، فذلك مستحيل قطعا . وقد يجيزه بعض من جوز تكليف المحال – قبحهم لله – (هذا قول صاحب المعالم) ومنعه بعض المجيزين لذلك ، نظرا إلى أن هذا ليس تكليفا بالمحال ، بل هو محال في نفسه ، لأن معناه الحكم بان الفعل يجوز تركه ، ولا يجوز ، وان تعددت الجهة بان كان للفعل جهتان ، يتوجه إليه الأمر من احديهما ، والنهي من الأخرى، فهو محل البحث، وذلك كالصلاة في الدار المغصوبة ، يؤمر بها من جهة كونها صلاة، وينهى عنها من حيث كونها غصبا ، فمن احال اجتماعهما ابطلها .ومن اجازه صححها)