ظاهرتا التصحيف والتحريف في معجم الجمهرة لابن دريد

الملخص

لقد رأى أئمة العلم ان الانسان يقع في الخطأ مهما سما قدره وتمكنت معارفه ولو كان من اصحاب التنبه والتنبيه، بل قد يصيب الخطأ تنبيهاته الى الصواب، وعلى ذوي العلم أن يتنبهوا الى اوهامه وعثراته بلسان فصيح نزيه وقلم مترفع اديب، حتى لا يسري خطؤه الى من بعده، فيكون الخطأ في المتقدمين صواباً عند المتأخرين، وحينئذ تتقلب الحقائق وتعظم المصيبة، فقد تنبه أئمة العلم لبيان الزيف من الخالص، ورد الحق الى نصابه، ولم يشغلهم عن ذلك الخلود الى الراحة، ولم يثنِ عزمهم ان يكون الواهم من أئمة المسلمين لا يمسه تصحيح لوهمه، او تخشى سطوته كسلطان حاكم.

لقد قسمت البحث على فصلين، حيث كان الفصل الأول بعنوان (تحديد المفهومات) وتضمن مبحثين تناولت في المبحث الأول المعنى اللغوي والاصطلاحي لكل من التصحيف والتحريف، كما بينت انواعهما. اما المبحث الثاني فقد تناولت فيه التصحيف والتحريف عند المفسرين والمحدثين. اما الفصل الثاني فقد خصصته لدراسة ظاهرة التصحيف والتحريف في معجم جمهرة اللغة، وجعلته على مبحثين، كان المبحث الأول

ويحرّف، ويمكن إضافة سبب آخر من أسباب التصحيف هو ان بعض العلماء يستأنسون لمعنى الكلمة في مواضع التحريف التي وردت في الأجزاء الثلاثة من الجمهرة اما المبحث الثاني فتخصص بمواضع التصحيف التي وردت في تلك الأجزاء.

لقد وجدت أنَّ أول أسباب التصحيف والتحريف هو انهم اعتمدوا على الكتب وليس على الرواية، وهذه الكتب تفتقر الى إعجام للحروف فضلاً عن تشابه الحروف بعضها مع بعض في الحروف غير المنقوطة مما أدى الى جعل القارئ الذي ليس معه رواية يقرأها بطريقة خاطئة فيصحّف المصحفة، وللسلامة من أثر التصحيف والتحريف لابد من اخذ العلم عن أهله المتقنين له تلقياً ومشافهة، والابتعاد عن اخذه من الصحف، وتقييد ما يكتبه الراوي عن شيخه، وضبطه بالشكل والنقل، وذكر ضبط الأسماء والالفاظ، وكيف نطق بها أصحابها.